قصة اكتشاف النيوترون على يد شادويك
قصة اكتشاف النيوترون على يد العالم شادويك Neutrons اكتشاف النيوترون |
منذ ثمانين عامًا اكتشف عالم الفيزياء البريطاني جيمس تشادويك وجود النيوترونات، التي تشكل مع البروتونات نواة الذرة. وقد أظهرت اكتشافات لاحقة الدور الذي يلعبه هذا الجسيم الذي اكتشفه تشادويك في تحويل عنصر كيميائي لعنصر آخر.
وبحلول نهاية ثلاثينيات القرن العشرين، أدرك العلماء كيف يمكن للتفاعلات النووية والتحلل الإشعاعي إنتاج كميات ضخمة من النيوترونات؛ الأمر الذي أدى إلى اكتشاف التفاعل النووي المتسلسل، وأدخل الفيزياء إلى مناطق غير مسبوقة من الطاقة النووية والأسلحة النووية.
لكن ثمة جانبًا آخر لقصة النيوترون، فقد أصبحت النيوترونات أداة بحثية قوية تستطيع كشف تركيب المادة. ويؤثر علم النيوترونات حاليًّا على كل شيء بداية من الجيل الجديد لأجهزة الكمبيوتر وحتى تركيب الفيروسات. ويَعِد قياس خصائص النيوترون الفريدة بالكشف عن الأسرار الأساسية للكون.
اكتشاف النيوترون
أدى اكتشاف النظائر، وهي ذرات ذات كتل مختلفة من العنصر نفسه ، إلى فورة من النظريات التي تقترح وجود جسيم متعادل داخل الذرة. ومن بين هذه النظريات إدراكُ إرنست رذرفورد لوجود النيوترون في عام ١٩٢٠. إلا أن الأدوات العلمية في ذلك العصر لم تتمكن من فصل الجسيمات المتعادلة وتحديدها، حيث كان التعامل معها أصعب من التعامل مع الجسيمات المشحونة.
تغير الوضع في ثلاثينيات القرن العشرين عندما ألزم جيمس تشادويك، عالم الفيزياء الذي عمل في مختبر رذرفورد بجامعة كامبريدج، نفسه بإثبات وجود النيوترون وجمع أفضل الأجهزة المتوافرة في ذلك الوقت.
جاء إنجاز تشادويك في أثر الاكتشاف الذي توصلت إليه الكيميائية الفرنسية أيرين جوليو-كوري، ابنة ماري كوري، وزوجها فريدريك؛ حيث قصفا عنصر البريليوم بأنوية هيليوم سريعة التحرك، تعرف باسم أشعة ألفا، ورصدا نوعًا مذهلًا من الإشعاع قادرًا على اختراق ٢٠ سنتيمترًا من الرصاص. ولمعرفة المزيد عن هذا الإشعاع الغريب أحاط آل جوليو-كوري البريليوم بشمع البرافين وراقباه لرصد التغيرات، فوجدا أن الإشعاع قادر على إخراج البروتونات عالية السرعة من البرافين.
كيفية اكتشاف تشادويك للنيوترون: عند قصف البريليوم بأشعة ألفا (أنوية الهيليوم) اكتشفت أيرين وفريدريك جوليو-كوري نوعًا غامضًا من الإشعاع قادرًا على إخراج البروتونات من شمع البرافين. واكتشف جيمس تشادويك لاحقًا أن النيوترونات هي المسئولة عن هذا. (نيو ساينتيست)
وأدى هذا إلى اقتراحهما أن هذا الإشعاع لا بد أن يكون أشعة جاما ذات طاقة هائلة.
مع ذلك، سرعان ما اكتشف تشادويك خطأً في استنتاجات آل جوليو-كوري، فأعاد التجربة في مختبره وأثبت أن افتراض أشعة جاما كان خاطئًا، وأشار إلى أن الإشعاع الجديد يشتمل على جسيمات غير مشحونة ذات كتلة مماثلة تقريبًا لكتلة البروتونات، وأجرى سلسلة من التجارب لإثبات ادعائه. ومن ثم اكتشف النيوترون.
قدم اكتشاف تشادويك صورة أكثر اكتمالًا للذرة مكَّنه من الحصول على جائزة نوبل في الفيزياء عام ١٩٣٥. كان هذا الاكتشاف بمنزلة حجر الزاوية في كل الإنجازات التي حدثت في الفيزياء النووية بعده، ومهد الطريق أمام علم جديد هو علم النيوترونات.
جسيم فريد
النيوترون هو جسيم دون ذري غير مشحون يبلغ حجم كتلته ١٨٣٩ مرة حجم كتلة الإلكترون، ويتألف من ثلاثة جسيمات أساسية تعرف بالكواركات. وفي حين يتكون البروتون من كواركين علويين وكوارك سفلي، يتكون النيوترون من كوارك واحد علوي وكواركين سفليين.
تنجذب النيوترونات والبروتونات داخل النواة بفعل الطاقة النووية القوية، وهي واحدة من القوى الأساسية الأربعة التي لا تشتمل على شحنة. مع ذلك طرح جيرالد ميلر، أستاذ الفيزياء بجامعة واشنطن في سياتل، فكرة بديلة في عام ٢٠٠٧؛ إذ اقترح أنه بالرغم من كون البروتون متعادل الشحنة بوجه عام، يمكن تقسيمه إلى طبقات من الشحنات المتبادلة، حيث تحيط قشرة ولب شحنتهما سالبة بجزء أوسط شحنته موجبة بينهما. وعلى الرغم من أن هذا يظل مجرد افتراض، فإن وجود هذه القشرة السالبة ربما يفسر انجذاب النيوترون للبروتونات.
تكون النيوترونات مستقرة وهي مقيدة داخل نواة الذرة، لكن عندما تصبح جسيمات حرة تنحل بعد نحو ١٥ دقيقة إلى بروتون وإلكترون ومضاد نيوترينو-الإلكترون. ونظرًا لعدم استقرار النيوترونات الحرة فإنها توجد فقط عندما تنحل الأنوية، في التفاعلات النووية أو في نوعية التفاعلات عالية الطاقة التي تنتجها الأشعة الكونية أو التصادمات داخل المعجلات.
مولد علم جديد
بمجرد إثبات وجود النيوترون، تحولت الأفكار على الفور نحو التطبيقات. تستطيع النيوترونات اختراق المواد بعمق، وتساعدها شحنتها المتعادلة في الوصول إلى أعماق أكثر من التي تصل إليها نظيراتها من الجسيمات المشحونة كهربيًّا، كالإلكترون والبروتون.
تستطيع النيوترونات، ككل الجسيمات الكمومية، التصرف كالموجات؛ لذا عندما تواجه عقبات يماثل حجمها طول موجتها تتشتت بزوايا محددة، تمامًا مثلما تلتف موجات المياه حول صخرة. ومن خلال تحليل نماذج تشتت النيوترونات نستطيع التوصل إلى تركيب المواد التي اخترقتها النيوترونات.
أجريت أولى تجارب حيود النيوترون في الثلاثينيات من القرن العشرين، ومع ذلك لم يصبح ممكنًا إنتاج كميات كبيرة من النيوترونات حتى عام ١٩٤٥ تقريبًا عند ظهور المفاعلات النووية. وفتح هذا الباب أمام دراسات متعمقة لتركيب المواد، الأمر الذي بدأ أولًا في المفاعلات النووية متعددة الأغراض؛ حيث كانت النيوترونات تُطلق عبر صمام حزمي ثم تتشتت حين تصطدم بالعينات الموجودة في أجهزة ذات تصميم خاص.
انطلق المجال فعليًّا في الستينيات من القرن العشرين، عندما طُورت المفاعلات البحثية إلى أقصى حد لإجراء مثل هذه التجارب. وبلغ هذا التطوير ذروته في مفاعل في معهد «لو-لانجفين» في جرينوبل بفرنسا، الذي كان يجري تجارب منذ عام ١٩٧٢. ويوجد حاليًّا أكثر من ٢٠ منشأة نشطة لدراسة علم النيوترونات، تأتي في شكلين. والمفاعلات البحثية مثل معهد «لو-لانجفين» و«مفاعل النظائر عالية التدفق» في تينيسي مستمرة في استخدام الانشطار النووي من أجل إنتاج مصدر ثابت وموثوق به للنيوترونات. وفي الوقت نفسه يعجل مصدر «أيزيس» للنيوترونات في مختبر «رذرفورد أبلتون»، في ديدكوت بالمملكة المتحدة، البروتونات لتصطدم بأهداف مصنوعة من المعادن الثقيلة، مما يحفز انبعاث النيوترونات.
تستطيع منشآت مثل معهد «لو-لانجفين» إنتاج النيوترونات بالاستعانة بنطاق واسع من صور الطاقة، وهذا يُترجم إلى نطاق واسع من أطوال الموجات. فتكون أطوال موجات النيوترونات الحرارية التي تنتقل بسرعة بضعة كيلومترات في الثانية قصيرة؛ فيمكن استخدامها لدراسة الكيانات الذرية التي يصل قطرها إلى أقل من نانومتر. أما النيوترونات الباردة، التي تتحرك بسرعة أقل عشر مرات من نظيرتها الحرارية، فتكون أطوال موجاتها طويلة ويمكن استخدامها في دراسة الكيانات الجزيئية على نطاق مجهري.
النيوترونات متعددة الاستخدامات على نحو مذهل، وهي ككل الجسيمات الكمومية الأخرى ذات زخم زاوي حقيقي يعرف باسم اللف المغزلي يسمح لها بالتفاعل مع اللف المغزلي للإلكترونات داخل المواد. يجعل هذا النيوترونات أداة مثالية لفهم تركيب وديناميكا المادة المغناطيسية التي تحصل على خصائصها المغناطيسية من طريقة اصطفاف اللفات المغزلية.
يُشغِّل حاليًّا معهد «لو-لانجفين» أكثر مصادر النيوترونات كثافة في العالم، الذي يغذي مجموعة مكونة من ٤٠ جهازًا من الأجهزة عالية الأداء التي يجري تحديثها باستمرار، بحزم من النيوترونات. ويزور ما يقرب من ١٥٠٠ باحث من أكثر من ٤٠ دولة هذا المعهد كل سنة.
أهم مصادر النيوترونات:
يمكن الحصول على النيوترونات الحرة عن طريق التفاعلات النووية وتنطلق النيوترونات بطاقة تعتمد على :
أ- قيمة طاقة التفاعل.
ب- الإتزان الطاقوي بين نواتج التفاعل.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن النيوترون المنطلق بطاقة معينة لا سبيل لتعجيله ولكن يمكن أن تتناقص هذه الطاقة عندما تتصادم النيوترونات مع المادة.
ويمكن تقسيم مصادر النيوترونات إلى ..1
1- مصادر ينتج عنها فيض منخفض من النيوترونات:
وغالبا ما تعرف بمصادر ( ألفا ، نيوترون) وتنتج عند قذف مادة مناسبة بجسيمات ألفا.
2- مصادر ينتج عنها فيض عال من النيوترونات:
حيث يستخدم لذلك المفاعلات النووية أو المعجلات وفي حالة الأخيرة يتم قذف مواد ذات عدد ذري منخفض بلأيونات الموجبة المعجلة بواسطة معجلات مناسبة.
3- مصادر ينتج عنها نيوترونات بطاقات متماثلة :
تعرف هذه المصادر بالضوء نووية ففيها يتم تفاعل فوتون جاما المتماثلة مع مادة ما .. مع ملاحظة..
أ- أن تكون طاقة الترابط النووي لمادة الهدف صغيرة ( كما في حالة البريليوم إذ تساوي 1,66 م أ ف .. أو الديوترون 2,22 م أ ف)
ب- أن تكون طاقة أشعة جاما أكبر من طاقة الترابط النووي لمادة الهدف.
تفاعل النيوترون مع المادة:
هناك عدة نقاط ينبغي أن تؤخذ بعين الإعتبار:
1- النيوترونات جسيمات غير مشحونة وبالتالي لن تواجه بأي حاجز كولومي لدى إقترابها من النواة لذلك فلديها الإمكانية للتفاعل مع الأنوية .. وحيث أن نصف قطر النواة صغير جدا في حدود الفيرمي فإننا نتوقع أن يكون إحتمال تفاعل النيوترون مع المادة صغير جدا .
2- مدى النيوترونات في المادة كبيرا فيقدر بالأمتار ...لمـــــــــــــاذا؟؟
3- يمكن اعتبار التفاعل الأساسي بين النيوترون والمادة هو تصادم النيوترون بالنواة .
أهم تفاعلات النيوترون مع المادة:
1- التصادم المرن:
في هذه الحالة يسقط النيوترون على النواة بحيث يعطيها جزءا من طاقته ويتشتت هو بطاقة أقل من طاقته الإبتدائية بينما ترتد النواة بطاقة تساوي تلك المنتقلة إليها بالتصادم.. ويسمى هذا التصادم بالمرن لأن كمية وطاقة الحركة محفوظتين قبل وبعد التصادم.
قد يتم التصادم المرن بصورتين :
أ- قد يحدث امتصاص أولا للنيوترون بواسطة النواة المقذوفة ويتم تكوين ما يعرف بالنواة المركبة التي تقوم بإطلاق نيوترون آخر بعد ذلك وهو النيوترون المتشتت.
ب_ قد يحدث التفاعل مباشرة دون المرور بمرحلة النواة المركبة حيث يتشتت النيوترون مباشرة عن النواة.
2- التصادم اللامرن:
وفيه لا تكون طاقة الحركة محفوظة إذ أنه عند سقوط النيوترون على النواة فإنه يعطيها جزءا من طاقته يستخدم لإثارتها أولا ثم تمتص جزءا آخر لتنطلق به بطاقة حركة معينة .
3- تفاعلات الأسر:
حيث تقوم النواة بإسر النيوترون الساقط عليها وامتصاص كل طاقته فتصبح لأجل ذلك في حالة إثارة.. بإعتقادكم كيف يمكن لنواة كهذه أن تعود لوضع الإستقرار؟؟
ومن الجدير بالذكر أن مثل هذه التفاعلات تتمتع باحتمال تفاعل كبير ومن ثم يمكن استخدامها للكشف عن النيوترونات بكفاءة..
4- الإنشطار النووي:
عندما تمتص بعض الأنوية النيوترونات فإن طاقة الإثارة تصبح كافية لإحداث الإنشطار النووي وقد وجد أن ذلك يحدث للأنوية الثقيلة وبخاصة اليورانيوم وما بعده حيث تنشطر النواة عند قذفها بنيوترون إلى نواتين أصغر منها تعرفان بشظيتي الإنشطار وتنطلق من هذا التفاعل طاقة هائلة تقدر ب 200 م أ ف ,,
5- تفاعل النيوترونات السريعة :
تتفاعل النيوترونات السريعة مع المادة حيث تمتص بواستطها وينتج عن ذلك جسيمات مشحونة كالبروتون..
أما النيوترونات السريعة جدا ذات الطاقة الأكبرمن 100 م أ ف فإنه ينتج عن تفاعلها مع المادة فيضا من الفوتونات أو الجسيمات الخفيفة ةالتي تضم العديد من إحتمالات التفاعل .
س : لماذا تأخر اكتشاف النيوترون ؟
الإجابة: لحساب كتل الذرات٬ ولأن النيوترونات لا تحمل شحنة٬ لذا فهي لا لعدم وجود أجهزة دقيقة جداً تتأثر بالمجال المغناطيسي والكهربائي٬ مما جعل من الصعب ملاحظة أثرها.
يمكنكم من التالي تحميل :
مجموعة من كتب الفيزياء الحديثة pdf
يمكنكم من التالي تحميل :
مجموعة من كتب الفيزياء الحديثة pdf