انهيار الفيزياء الكلاسيكية ـ اينشتاين يبدأ في الظهور
انهيار الفيزياء الكلاسيكية ، اينشتاين يبدأ في الظهور
تفكير ميكلسون لإيجاد سرعة الأثير
بعدما قام ميكلسون بقياس سرعة الضوء أراد ان يقوم بعمل إنجاز أخر و هو قياس سرعة رياح الأثير بالنسبة للأرض و كان يتوقع أن هذه السرعة لا بد و أن تكون أقل بكثير من سرعة الضوء و إلا لكنا لاحظنا تأثيرها فى حياتنا اليومية.
اراد ميكلسون ان يستخدم نفس الفكرة التى يمكنك عملها لقياس سرعة الرياح عن طريق سرعة الصوت فكما قلنا ان سرعة الضوء ستكون ثابتة بالنسبة لرياح الأثير فإذا قمنا بإرسال شعاع ضوءى إلى مرأة ثم انعكس الينا سيكون قد ذهب فى رحلة الذهاب فى نفس اتجاه الرياح مثلا و بذلك سيعود فى عكس اتجاه الرياح إذن يمكننا ببساطة أن نقيس الفرق بين سرعته فى الرحلتين و يكون هذا الفارق هو ضعف سرعة رياح الأثير و سيكون بإمكاننا تدوير الجهاز المستخدم فى التجربة حتى نجعل شعاع الضوء موازى لاتجاه الرياح.
و لكن للأسف لا يوجد جهاز واحد قادر على قياس سرعة رحلة الضوء فى اتجاه واحد و كانت جميع القياسات تعتمد على قياس سرعة الضوء فى رحلة من اتجاهين (أى أن يطلقوا شعاع من الضوء إلى مرأة ثم يعود و يقوموا بقسمة المسافة الكلية على الزمن الكلى) و إذا استخدم هذا التكنيك فإن تأثير الرحلتين على سرعة الضوء سيلغيان بعضهما و لن نصل إلى سرعة الأثير.
هنا خطرت فى بال مكلسون فكرة مذهلة يمكنه بها قياس سرعة الأثير و قد كانت فكرتها كما يلى:
لو كان لدينا نهرا عرضه س (و ليكن 100 متر) و لدينا سباحان يعومان بنفس السرعة فى المياه الساكنة و لتكن 5 متر فى الثانية . لو كان النهر يسير بسرعة ثابتة بالنسبة للضفة و لتكن ص ( و لتكن 3 متر فى الثانية) . سنقيم سباقا بالطريقة التالية ، السباح الأول يعوم بعرض النهر فى خط عمودى على الضفة إلى الضفة المقابلة و يعود . أما الأخر فسيعوم بطول النهر مسافة 100 متر و يعود .
السباح الثانى سيعوم مع عكس التيار فى الذهاب و بذلك تكون سرعته بالنسبة للضفة 2 متر فى الثانية و تستغرق رحلته للذهاب 50 ثانية أما فى العودة فستكون سرعته 8 متر فى الثانية و ستستغرق رحلته 12.5 ثانية و بذلك سيكون زمن رحلته كلها 62.5 ثانية.
بالنسبة لحساب سرعة السباح الأول بالنسبة للضفة فستكون ناتجة من سرعتان فعليه أن يعوم بسرعته فى اتجاه زاوية معينة بحيث أنه لو لا يوجد تيار سيبتعد عن الخط ب 3 متر كل ثانية أما فى وجود التيار فسيلغى التيار هذا التأثير لأنه سيعيد السباح مرة أخرى (السباحين يفعلوا هذا ذاتيا دون شعور)
ستكون سرعة السباح إذا بالنسبة للضفة عن طريق قانون فيثاغورث 4 متر فى الثانية و بذلك سيقطع ال200 متر فى 50 ثانية واضح أنه سيصل قبل الثانى ب12.5 ثانية . إذا كنا لا نعلم سرعة النهر و لكن لدينا كل المعطيات الأخرى سنتمكن من حساب سرعة النهر ببساطة.
تجربة ميكلسون- مورلى
فكر ميكلسون فى عمل نفس الشيئ فالأثير هو النهر و الضوء هو السباح. سرعة الضوء بالنسبة للأثير C و سرعة رياح الأثير النسبة لنا V و قد كان معتقدا أن سرعة رياح الأثير ستكون قريبة من سرعة دوران الأرض حول الشمس و على أية حال فإن لم يكن الأثير ثابتا بالنسبة للشمس ستتغير سرعة الأثير بالنسبة للأرض على مدار اليوم و السنة و لنضع فى الحسبان أيضا أننا لا نعرف اتجاه الرياح و بذلك فلا بد من أن يكون جهاز التجربة قادر على الالتفاف حول المحور 360 درجة بهذا نضمن أن احد الشعاعين سيكون موازى للرياح و الأخر عموديا عليها مرتين على الأقل و فى هذا الوقت سيصل الشعاع العمودى أولا و لكن بقيت مشكلة أنه فى حال كانت رياح الأثير سرعتها قليلة فعلا كما توقعوا سيصبح الفارق بين الشعاعين قليلا حيث لا يمكن لأى جهاز رؤيته و لكن تم التغلب على هذه المشكلة فإذا كنا لا نستطيع رؤية السباحين فلنقل لهم "إذا لم تصلا فى نفس الوقت فليصيح السباح العمودى و لتكن قوة الصيحة متناسبة مع فارق الوقت" هذا هو بالضبط ما يفعله الضوء دون أن نخبره و سنرى كيف هذا فى تصميم الجهاز
. تم تصميم الجهاز كالتالى:
-مصدر يطلق شعاع ضوئى يسقط على مرأة نصف عاكسة بزاوية 45 درجة و بذلك سيمر نصف الشعاع بلا تغيير إلى الجانب الأخر بينما ينعكس النصف الأخر بزاوية 45 درجة ليصبح عموديا على الشعاع الأخر .
-تم وضع مرأة فى نهاية طريق كل من الشعاعين بحيث تكون المسافة بين مرأة كل شعاع و بين المرأة النصف عاكسة متساوية.
-بذلك سيرتد الشعاعين ليلتقيا مرة أخرى عند المرأة النصف عاكسة . نصف الشعاع الموازى سينعكس إلى أسفل كما سيمر نصف الشعاع العمودى إلى أسفل .
هل لاحظتم ماذا حدث عند المرآة النصف عاكسة؟؟
نعم، لقد حدث تداخل بين الشعاعين و بم أنهما لم يأتيا فى نفس الوقت فسيحدث التداخل كما شرحنا و إذا وضعنا حائطا مثلا أمام الشعاعين فسترتسم الأهداب الضوئية عليه و سيتناسب حجم الأهداب الضوئية مع الفارق الزمنى بين الشعاعين. فكرة عبقرية ، أليس كذلك ؟ . هكذا تم الإعداد لكل شيء. بالطبع أنا لم اكتب الحسابات هنا و لكن يمكن استنتاجها بسهولة كما فعلنا فى مسألة النهر.
يمكنك الذهاب إلى هذا الرابط و رؤية التجربة كفلاش سيمكنك تغيير سرعة الأثير و ملاحظة التأثير على الشعاعين
تحت كل التوقعات كانت ستكون الأهداب واضحة جدا . تم اجراء التجربة عام 1887 م و لكن ماذا كان حجم الأهداب الضوئية؟ لقد كانت النتيجة مفاجأة و صدمة عنيفة لكل علماء الفيزياء فالنتيجة كانت :
لا أهداب ضوئية !! الشعاعين وصلا معا تماما !!!!!!!
ماذا تعنى هذه النتيجة ؟؟
محاولات تفسير النتيجة
كانت هذه التجربة أعظم تجربة فاشلة فى التاريخ فلم تلقى أى تجربة قبل ذلك كل هذه المحاولات لتفسيرها لكى تحافظ على المبادئ الكلاسيكية . تعددت المحاولات و سنذكر هنا محاولتين فقط
الأولى : قام العلماء بافتراض أن الأثير المحيط بالأرض ثابت بالنسبة لها أو بمعنى أصح ملتصق بها و لكن يمكن فورا تبين مدى سذاجة هذا الفرض و لقد سقط فورا لأنه لو كان المر كذلك فعلى الضوء أن ينكسر عند العبور من الأثير الخارجى إلى الأثير الأرضى و هذا سيؤدى إلى أن ترى مواقع مختلفة للكواكب و الشمس النجوم فى الأوقات المختلفة و لكن هذا لم يكن الحال طبعا .
الثانية ( فرض فيتزرجيرالد و لورنتز للانكماش) : بالطبع كان لورنتز من أول المحاولين لتفسير هذه النتائج لكى ينقذ نظريته فتم وضع هذا الافتراض "الأشياء تنكمش فى اتجاه حركتها الموازى للأثير و كمية الإنكماش تعتمد على سرعة الأشياء" أى أنك لو وضعت طول مسطرة فى اتجاه موازى لحركتها فى الأثير فسينكمش طولها و إذا وضعتها بالعرض يبقى طولها كما هو و لكن ينكمش طول محورها العرضى و هذا لأن الأجسام تنكمش فى اتجاه حركتها بالنسبة للأثير و نحن لا نلاحظ هذا الإنكماش لأنه صغير جدا نتيجة السرعات الصغيرة التى نسير بها . و بذلك فقد تمكن الشعاع الموازى من اللحاق بالشعاع الأخر ببساطة لأنه سار مسافة أقل نتيجة انكماش طريقه و لن يمكننا رؤية انكماش الذراع لأن اى مسطرة ستحاول قياس الذراع ستنكمش بدورها و حسب معادلة لورنتز فهذا الانكماش مساوى تماما للفارق المتوقع من قبل ميكلسون و مورلى . و هذا بالطبع يفسر النتيجة .
اينشتين يبدأ فى الظهور
رأى أينشتين أن فرضية لورنتز تلك ليس لها أى علاقة ببقية نظريته فى الديناميكا الكهربية كما أنها تقول ان انكماش الطول يعتمد على حركة الجسم بالنسبة للأثير. فإذا كنا لا نستطيع أن نحدد سرعتنا بالنسبة للأثير فكيف لنا أن نكتب قوانين تعتمد على سرعة الأجسام بالنسبة للأثير.
فى بداية ورقة أينشتين عن النسبية الخاصة عرض هذا المثال :
كلنا يعلم أننا لو مررنا قضيب مغناطيس من خلال ملف معدنى فسيتولد طاقة كهربائية فى الملف .
1- إذا كان الملف هو الثابت و المغناطيس هو المتحرك بسرعة v إلى اليمين فسيتولد تيار كهربى فى اتجاه معين و كميته I و ذلك بسبب خلق مجال كهربى فى الأثير عن طريق حركة المغناطيس فيه (قانون فاراداى)
2-إذا كان المغناطيس ثابت و حركنا الملف بالسرعة -v لليسار فسيتولد تيلر كهربى له نفس الكمية I و نفس الاتجاه كما فى الحالة الأولى و السبب هنا مختلف فلا يوجد تيار كهربى فى الأثير لأن المغناطيس ثابت و لكن التيار موجود فى الملف نتيجة انه يسير فى مجال مغناطيسى (قانون لورنتز)
اختلاف تام فى الشرح لم يؤدى إلى أى اختلاف فى النتيجة و كل ذلك للحفاظ على الأثير فى نفس الوقت لم تنجح أى محاولة لاكتشاف الأثير فى الكشف عنه فما الداعى لهذا الأثير اللعين ؟ اى شيئ سوف ينتج نتيجة الحركة النسبية بين الأجسام و ليس نتيجة الحركة بالنسبة للأثير . بذلك تم القضاء على الأثير و بما أنه لا أثير فسيكون لهذا نتائج مذهلة سنراها فى الحلقات القادمة . فمبدأ النسبية سيعود مرة أخرى و لكن بمعنى مختلف يؤدى إلى تغيرات جذرية فى طريقة تفكيرنا تنافى كل ما نعتقده .
✓✓👈 روابط كتب أخرى مهمة :