وما إن علم جاليليو جاليلي بهذا الاكتشاف حتى أخذ يدرس ويكثّف من بحوثه ويجدّ في تجاربه في تقريب الأشياء ليتمكن في النهاية من صنع التلسكوب، وبذلك يعتبر جاليليو أول من اخترعه، وأول مقراب فلكي صنعه جاليليو كان في عام 1609، وبه تمكن من رؤية جبال القمر، والأقمار الأربعة التي تدور حول كوكب المشتري، فقام بصناعة المئات من المناظير، وأرسل كثيراً منها إلى بلاد أوربا، وكان صدى نجاح جاليليو بهذا الاختراع في كل أرجاء مدينته البندقية بإيطاليا.
وقصة هذا العالم الفلكي الكبير ( جاليليو جاليلي ) الذي ولد عام 1564م هي قصة مشهورة ومعروفة، وهي قصة الصراع بين العلم ورجال الدين (ولا نقول الدين) التي كانت تعيشها أوروبا حتى قرون قريبة من زماننا هذا.
نشأ جاليليو في بيئة علمية وكان أبوه يتمنى أن يكون أبنه طبيبا ولكنه آثر علوم الفلسفة والرياضيات على العلوم الأخرى قائلا إنها هى علوم الله، فاتجه نحو العلوم الطبيعية ودرس الفلك ودرس نظرية كوبرنكس التي كانت في أول زمن انتشارها، حيث كان هنا الأمر موضع أخذ ورد واندهاش من كثير من الناس والعلماء.
وكان قد طور التلسكوب واستطاع رؤية القمر بشكل لم يره أحد قبله استطاع أن يرى أقمار كوكب المشترى مما أكد له وجود نظام يشبه المجموعة الشمسية، وبلغ من العلم ما جعل شأناً وأصر على رأيه بأن الأرض تدور حول الشمس، وكان هذا الاتجاه يمثل معارضة شديدة لرجال الدين الذين يتبنون ما ورد بالكتاب المقدس بأن الله ثبت الأرض وهذا يعنى إنكار لهذه الآية التي وردت بالكتاب المقدس عندهم، بل إن هناك معارضة أخرى وهى أن النبي يوشع عليه السلام طلب من الله أن يؤخر غروب الشمس لأنه كان في حرب وكان على وشك الانتصار، فاستجاب له الرب وجعل الشمس تتباطأ لكي ينهى الحر ب وينتصر، هكذا يقول الكتاب المقدس، ولكن كتاب جاليليو يناقض ويعاكس ما ورد في نص هذه الآيات من الكتاب المقدس.,
ابنته المسماة ماريا سلستا عاشت راهبة لأنها ابنة غير شرعية، فلم يكن لها نصيب في الحياة الكريمة في الزواج، فدخلت الدير هي وأختها وكان عمرها 13 عاماً، ولكنها كانت تحمل عقل أبيها المفكر فقد آمنت بابيها ووقفت بجانبه ليس دفاعاً عنه بل محبة لأبيها وولاء له، فقد كانت على اتصال دائم بأبيها وتحمل عنه مشاكله وتقدم له الطعام وتغسل ملابسها وتتابع أخباره وصحته.
قاليليو لم يكن عالماً فلكياً او رياضياً فقط بل إنه مفكر وفيلسوف أيضاً، وهو رجل دين نشأ في حب الكنيسة بل إن البابا كان من المعجبين به، وكان صديقاً له بل وسهر معه ليال يتفرج في السماء من خلال التلسكوب الذي صنعه قاليليو، ودارت بينهم مناقشات علمية حول الفضاء والكواكب، إلا أنه على الرغم من أن النهاية كانت غير ذلك إذ أمر الباب بمحاكمته بتهمة الإلحاد والخروج عما هو معروف، لنشره كتاب أسماه المناقشات أو الحوارات وهو عبارة عن كتاب يتحاور فيه النظامين القديم والجديد، عارض فيه فكرة الأرض مركز الكون، وأيد وأثبت أن الشمس هى المركز، وحكمت المحكمة عليه بالسجن ثم أخرجته من السجن ليبقى في البيت أيضاً وذلك لمرضه.
وكان يجادل رجال الدين، وهو متدين أيضا، بأن فهمهم للكتاب المقدس وتفسيرهم له هو الخطأ وليس الخطأ في الكتاب المقدس، وهو يقول إن الكتاب المقدس، هو كتاب كيف تستعد للذهاب للسماء، وليس كتاباً عن السماء وكيف تدور السماء، وهو يقول كيف يمكن لشخص أن يغير كلام الله وأمامه عمل وفعل الله في السماء.
ويقول أيضا أنه لا يعتقد ولا يصدق بأن الله، وهو الذي خلق لنا الأحاسيس التي ندرك بها الكون، واللسان الذي ننطق به، والعقل، الذي نفكر فيه، ويطلب منا تعطيل كل هذه العطايا ويروينا ويعلمنا أشياء نستطيع أن نعرفها نحن بأنفسنا، كأنه يقول إن الله ترك لنا ما يمكن لنا أن نعرفه بانفسنا وبما أعطانا الله من عقل وحواس.
الغريب في الأمر أن هذا العالم لم يتم الرفع عن كتبه من قائمة الكتب الممنوعة من الكنيسة إلا في عام 1835م؟ ولم يرد له اعتبار من الكنيسة إلا في عام 1992م وذلك بعد أن قامت لجنة بأمر البابا الحالي لاعادة النظر فى قضية جاليليو وهى أمر محرج للكنيسة وقضت في دراستها عشر سنوات بدأت من عام 1982م انتهت إلى الاعتراف بفلسفة وفكرة جاليو جاليليو.
قصة اختراع التليسكوب الفضائي الشهير ((هابل))
معظمنا يعرف "التليسكوب الفضائي هابل"، ولكن لا يعرف الكثيرون أن هذه الاسم أطلق تكريما لملاكم ومحامٍ يدعى (إدوين هابل)، وهو واحد من أعظم علماء الفلك في العصر الحديث ، إلا أنه اشتهر في الأساس كملاكم خاض المباراة النهائية ضد بطل فرنسا عام 1920م.
وبعدما اعتزل "هابل" الملاكمة اجتذبه علم الفلك فاشترى تلسكوبا خاصا وبدأ بدراسة الكون، وقبل دخوله في هذا المجال لم يكن العلماء يملكون طريقة لحساب عمر الكون- ولم يكونوا متأكدين من وجود شيء خارج مجرة التبانة.
(( أنتم تشاهدون تلك المقالة علي موقع موهوبون دوت نت ))
ولكن هابل اكتشف في عام 1924 أن الأسماء تتوسع وأن المجرات تتباعد وأن النجوم تنطلق بسرعة خارقة، ولأن هذا التوسع يحدث في كل اتجاه (انطلاقا من نقطة مركزية واحدة) افترض أن الكون تشكل من انفجار مركزي عظيم حدث قبل 13مليار عام- وهو ما ثبت صحته حاليا وأشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) (سورة الذاريات الآية 47).
أما عن هابل (التلسكوب) فيعد واحدا من أعظم الأدوات الفلكية على الإطلاق.. بل يمكن القول أنه قدم إلى الحضارة الإنسانية في عشرة أعوام فقط معارف لم تقدمه العشرة قرون الماضية مجتمعة.
وبدأت فكرة نقل التلسكوب إلى الفضاء الخارجي منذ اختراع الصواريخ وغزو الفضاء، فكثيرا ما حلم الفلكيون بنقل تلسكوباتهم البصرية فوق الغلاف الجوي للأرض للحصول على صور أفضل للكون.
فمراقبة السماء من سطح الأرض أشبه بمراقبة مصابيح الشارع من (قعر المسبح)؛ الغلاف الجوي- الذي نعيش في قعره- ملوث وغير شفاف ويسبب انحرافا في مواقع النجوم رغم أن التلسكوبات الأرضية المشهورة تقع فوق الجبال العالية وفي مناطق بعيدة عن أضواء المدن إلا إن صورها لاتصل لدقة ووضوح أي تلسكوب متواضع يحمل للفضاء الخارجي.
والتليسكوب هابل- بالإضافة لوجوده خارج الغلاف الجوي- يتمتع بميزتين مهمتين: الأولى إمكانية توجيهه من الأرض (حسب الطلب) لمراقبة هذه المجرة أو تلك النجمة، وخلال السنوات الماضية اكتشف مجرات ونجوم وكواكب في كل اتجاه- وعلى أبعاد سحيقة لم يتخيل العلماء وجودها.
أما الميزة الثانية فهي أن "هابل" يعمل كعين تخترق الزمن وترى من الماضي ما قد يكون اندثر الحاضر..فبعض الصور التي التقطها التليسكوب تعود لنجوم تبعد عنا بلايين السنين الضوئية، وحين يلتقط صورا على هذا البعد فكأنه يرى حال تلك النجوم قبل بلايين السنين (حين انطلق ضوءها باتجاهنا لأول مرة).. وبفضل هذه الصور (التي يمكن رؤية بعضها في موقعي Nasa أو space.com) أعلن العلماء في مايو 1999م أن عمر الكون لا يقل فعلا عن 13 بليون عام- كما افترض هابل منذ البداية.
الطريف أن مشروع التلسكوب عانى من الفشل في بدايته وشكل إحراجا لوكالة ناسا، فبعد سنوات من تأجيل إطلاقه تم اكتشاف عيب في عدسته الرئيسية سببت انحرافاً في الرؤية، وحينها وقعت ناسا في حرج شديد لأن هذا الانحراف (رغم انه لم يزد عن سمك الشعرة) جعل تلسكوبات الهواة أفضل منه بكثير.
ولم تتوفر ميزانية لتصليح التلسكوب حتى ديسمبر 1993م حين انطلق المكوك الفضائي في مهمة خاصة لتركيب عدسة جديدة وكاميرات أكثر قوة. ومن يومها اكتسح هابل أعظم التلسكوبات الأرضية وقدم معلومات لم تتح للفلكيين منذ فجر التاريخ. واليوم بلغ مجموعة ما قدمه 20 ألف صورة نوعية لم يكن بالإمكان الحصول عليها لو بقينا في "قعر المسبح".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شارك زملاءك من الزر أدناه لتصلكم مواضيعنا القادمة إن شاء الله تعالى