//كود حقوق النشر

طبيعة الضوء The nature of light

طبيعة الضوء  The nature of light

طبيعة الضوء ـ الموجات الكهرومغناطيسية، الفوتونات الضوئية، الموجات الكهرومغناطيسية، النظرية الكهرومغناطيسية، ميكانيكا الكم،

طبيعة الضوء  The nature of light
في هذا الموضوع سنتعرف على طبيعة الضوء ، الذي ظل لسنوات عدة مثار جدل بين علماء الفيزياء حتى توصلوا في النهاية إلى حل يرضي الجميع ويتوافق مع النظريات المختلفة ... إلى الموضوع

كان العلماء، خلال القرن التاسع عشر، يظنون أن الضوء موجة، تنتقل كما تنتقل الموجة المائية. وراجت هذه النظرية الموجية للضوء، لأنها مكّنت العلماء من تفسير ظاهرة نمط التداخل، وهي خطوط ساطعة وأخرى مظلمة، تحصل عليها العلماء من التجارب الضوئية.


وإذا كان الضوء موجة، فما هي هذه الموجة؟ أمّا موجات الماء فسهلة التفسير؛ لأنها تسير خلال سطح الماء، بينما الماء نفسه يتحرك إلى الأعلى والأسفل. وبالنسبة إلى علماء القرن التاسع عشر، كان الضوء يبدو مختلفاً عن موجات الماء، بسبب انتقاله في الفضاء، من الشمس والنجوم الأخرى، إلى الأرض؛ فافترضوا أن موجات الضوء، يجب أن تنتقل خلال مادة، كانتقال الموجات المائية خلال الماء. وأطلق العلماء على هذه المادة اسم الأثير، على الرغم من أنهم لم يتوصلوا إلى ما يثبت وجودها. واستطاعوا، في نهاية القرن التاسع عشر، التوصل إلى أن موجات الضوء، تتألف من مناطق، تُعرف بالمجالات الكهربائية والحقول المغناطيسية.


يبدأ النموذج البسيط لموجة الضوء، بشعاع (خط مستقيم)، يوضح اتجاه انتقال الضوء. وتمثّل الأسهم القصيرة، الموجودة على طول الشعاع، والمتعامدة (زاوية قائمة) عليه، المجال الكهربائي. ويشير بعضها إلى الأعلى من الشعاع، وبعضها الآخر إلى الأسفل منه. وهي تختلف في الطول، لذلك، فإن النمط الكلي لرؤوس الأسهم، يُشْبه الموجة. والأسهم التي تمثّل الحقل المغناطيسي، تشبه، كذلك، الموجة؛ ولكنها تكوِّن زاوية قائمة، مع الأسهم، التي تمثل الحقل الكهربائي. وهذا النمط، يتحرك خلال الشعاع، وهو الضوء.


أثبتت التجارب، في بداية القرن العشرين، أن العلماء تخلوا عن فكرة الأثير. وأدركوا أن موجة الضوء، بوصفها نمطاً منتظماً من الحقول، الكهربائية والمغناطيسية، يمكن أن تنتقل عبْر الفضاء.

تشبه موجات الضوء الأنواع الأخرى من الموجات، في بعض صورها، مثل الطول الموجي والتردد والسعة. فالطول الموجي هو المسافة لخط مستقيم، من قمة الموجة إلى القمة التي تليها. وتردد الموجة هو عدد المرات، التي تمرّ خلالها القمة من نقطة ثابتة، في الثانية. وسعة الموجة هي أكبر مسافة للقمة أو القاع (النقطة السفلى من الشعاع).

وأبسط علاقة موجودة بين تردد الموجة والطول الموجي، هي: كلما ازداد التردد، قلّ الطول الموجي. وتعتمد طاقة الموجة على سعتها، فكلما ازدادت السعة، احتوت الموجة طاقة أكبر. وطاقة موجة الضوء هي، كذلك، مقياس لترددها، والطول الموجي هو الذي يحدد لون الضوء.



الفوتونات الضوئية


اقترح العالم الفيزيائي الألماني المولد، ألبرت أينشتاين، عام 1905، نموذجاً للضوء، ويشابه تماماً النموذج الموجي. يتصرف الضوء، في بعض التجارب، كما لو أنه جسيمات، ويسمي هذا النوع من الجسيمات، الآن، الفوتونات. وفي نموذج أينشتاين فإن شعاع الضوء هو المسار الذي يسلكه الفوتون. فمثلاً، عندما يرسل المصباح شعاعاً من الضوء، خلال غرفة مظلمة، فإن شعاع الضوء، يتألف من عدد كبير من الفوتونات، يسير كلٌّ منها في خط مستقيم. فهل الضوء موجات أو جسيمات؟ فيما يبدو، لا يمكن أن يكون الشيئين معاً؛ لأنهما مختلفان اختلافاً تاماً. ولعل أفضل إجابة، أن الضوء لا هذا، ولا ذاك.

ويتصرف الضوء، في بعض التجارب، كما لو أنه موجة، وفي بعضها الآخر، كما لو أنه جسيمات. وللضوء في الفراغ سرعة واحدة، بعكس الأنواع الأخرى من الموجات، وهي أقصى سرعة ممكنة لأي شيء. ولا يفهم العلماء منه هذه الحقيقة. والحقيقة التي تنص على أن الضوء في الفراغ، يملك سرعة واحدة، هي واحد من أُسُس النسبية، لأينشتاين. عندما يدخل الضوء مادة، يصطدم بالذرات، التي تعطل سيره؛ إلا أنه يسير بسرعته المعتادة، بين ذرة وأخرى.



الموجات الكهرومغناطيسية



يسمى الضوء موجات كهرومغناطيسية، لأنه يتألف من مجال كهربائي، وحقل مغناطيسي. ويطلق مصطلح الضوء، عادة، على الموجات الكهرومغناطيسية المرئية فقط. ويجب أن يحتوي الضوء المرئي، على قيم أطول موجية، في نطاق محدود وضيق، يسمى الطيف المرئي. ويملك الضوء البنفسجي أقصر الأطوال الموجية المرئية؛ بينما يملك الضوء الأحمر أطول طول موجي. وتقع بين هذَين بقية الألوان الأخرى من الطيف، ولكل منها طول موجي خاص. وبرؤية هذه الألوان جميعها، في وقت واحد، فإنها تبدو بيضاء اللون. ويحتوي ضوء الشمس على جميع هذه الألوان، وهو أبيض؛ ولكن، عندما يمرّ خلال شكل خاص، شفاف وصلب، فإنه يُسمى المنشور؛ إذ إن الألوان تنفصل، ويمكن، عندئذٍ، رؤيتها.

ويكون الطيف المرئي جزءاً صغيراً فقط، من النطاق الكامل للموجات الكهرومغناطيسية. وتُسمى الموجات ذات الأطوال الموجية القصيرة جداً، ولا تكاد تُرى، بالموجات فوق البنفسجية. وتسبب هذه الأشعة السَّفع وحروق الشمس وسرطان الجلد. وتسمى الموجات ذات الطول الموجي، الأقصر من الشعاع فوق البنفسجي، الأشعة السينية، التي يمكنها اختراق جسم الإنسان. ويستخدم الأطباء، ولا سيما أطباء الأسنان، هذه الأشعة، لرؤية ما في داخل الجسم. أما أشعة جاما، فهي ذات أطوال موجية، أقصر من الأطوال الموجية للأشعة السينية، وتنتج من التفاعلات النووية، مثل التي تحدث في الشمس.

والموجات التي تزيد أطوالها الموجية قليلاً على الأطوال الموجية للضوء الأحمر، تُسمى الأشعة تحت الحمراء. وعندما تقف تحت أشعة الشمس المشرقة، أو أمام نار، فإنك ستشعر بدفء تام، وذلك بسبب تعرضك للأشعة تحت الحمراء. والموجات الدقيقة (الموجات المتناهية الصغر، أو الميكرووف)، والراديوية، لها أطوال موجية أطول من الموجات تحت الحمراء. ويسلِّط فرن الموجات الدقيقة (الميكرووف) موجاته الدقيقة، على الطعام، لتسخينه؛ ويسلط الشرطي المسؤول عن وحدة الرادار، موجات دقيقة على السيارة، لقياس سرعتها. وترسل برامج وهيئات محطات الإذاعة والتليفزيون الموجات الراديوية.

ينفصل ضوء الشمس إلى ألوانه المختلفة، من خلال المنشور، الذي يعطي طيفاً مستمراً. ويمتزج الطيف، تدريجاً، بين اللون واللون الذي يليه، بين البنفسجي والأحمر. ومعظم المصادر الأخـرى، لا تستطيع أن تنتج طيفاً مستمراً. فمثلاً، يمكن مصباح إنارة الشوارع، أن يعطي اللونَين، الأصفر والأزرق، وبعض الألوان المعتمة؛ ولكنها تحتوي، كذلك، على مناطق مظلمة في طيفها. وتتولد هذه الألوان من ذرات محددة، في الغاز الموجود داخل المصباح؛ فيتولد الضوء الأصفر، مثلاً، من ذرات الصوديوم. وكلٌّ نوع من الذرات، يمكنه أن ينتج ألواناً محددة فقط. ويمكن العلماء أن يعرفوا أنواع الذرات، التي تؤلف مصدر الضوء، من خلال ملاحظة الألوان الموجودة في الضوء. وتسلط الألوان خلال جهاز، يُسمى مقياس الطيف، لفصل الألوان. ومقياس الطيف منشور بسيط، وقد يكون جهازاً أكثر تعقيداً. ويحتوي الطيف، في بعض الأحيان، على فجوات، ذلك لأن ضوء المصدر، يكون قد سار خلال غاز، يمتص، بدوره، ألواناً محددة. فلو سُلط ضوء الشمس، مثلاً، خلال مقياس طيف عالي الجودة، فإن طيفه سيحتوي على الآلاف من هذه الفجوات؛ إذ إن الضوء الناتج من الشمس، سيمر خلال فضائها الخارجي، حتى يصل إلى الأرض. وكلُّ نوع من الذرات، في المحيط الشمسي، يمتص ألواناً محددة؛ وبمعرفة الألوان التي اختفت، يحدد العلماء نوعية الذرات الموجودة في ذلك المحيط.


الأفكار الأولى في شأن الضوء


توصل الإغريق القدماء إلى بعض النظريات، في مجال الضوء، فتحت آفاق دراسة؛ لكنها كانت، في الأغلب، نظرية. ولم تُتَح الفرصة لدراسة الجانب الحيوي من جوانب الطبيعة الثرية، التي أبدعها الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ إلاَّ على يد عدد من العلماء المسلمين، في القرون الوسطى، يأتي في مقدمتهم الحسن بن الهيثم، وابن سينا، وغيرهما. يقول المستشرق وايدمان، الذي اهتم بإنتاج علماء المسلمين في العلوم: إن المسلمين، أخذوا عن اليونان بعضاً من النظريات؛ فأحسنوا فهْمها، ثم طبقوها على حالات كثيرة متباينة، واستنبطوا من ذلك نظريات جديدة، وبحوثاً مبتكرة.

وكان أبرز إسهامات الحسن بن الهيثم (354 ـ 430هـ/965 ـ 1039م)، في كتابه المناظر ـ الاهتداء إلى طبيعة الضوء ووظائفه، وحالة القمر، وقوس قزح، والمرايا ذات القطع المتكافئ، والمرايا الكروية، والكسوف والخسوف والظلال. وانتفع بعِلمه بالبصريات، وإنتاجه الغزير، كلٌّ من روجر بيكون، وفيتلو البولندي، وليوناردو دافينشي، ويوهان كبلر.

وقد تُرجم كتاب المناظر إلى اللاتينية، أكثر من خمس مرات. وفيه يؤكد أن الضوء مستقل عن اللون. ويحلل، للمرة الأولى، عملية الإبصار، وأشعة الضوء، التي ذهب من سبقوه إلى أنها تنبعث من العين إلى الأجسام فتراها، في حين قال ابن الهيثم: إنها تصدر عن كل نقطة من نقاط الجسم، فتصل إلى العين، وتنقل إليها، وإلى المخ، صورة الشيء.

واهتم ابن الهيثم بالعدسات، وقال إن تكبير العدسة، يتوقف على مقدار تحدُّبها. كما درس الانكسار والانعكاس.

ولم يظهر عالم في الضوء يعتد به، بعد ابن الهيثم، إلاَّ في القرن السابع عشر الميلادي، أي بعد نحو سبعة قرون. ففي سنة 1666، اكتشف العالم الإنجليزي، السير إسحاق نيوتن، أن الضوء الأبيض مؤلَّف من جميع الألوان. ووجد، باستخدام المنشور، أن كلَّ لون في الشعاع الأبيض، يمكن أن يُفصل. ووضع نيوتن نظرية، تقول إن الضوء يتألف من أجسام صغيرة، تنتقل في خطوط مستقيمة، من خلال الفراغ. وسمّى النظرية نظرية الجسيمات الضوئية.

وفي الوقت نفسه، الذي وضع فيه نيوتن نظريته في الضوء، قال الفيزيائي والفلكي الهولندي، كريستيان هويجنز، إن الضوء يتألف من موجات. وقدم نظريته الموجية، في شرح طبيعة الضوء. وتبدو النظريتان، نظرية الجسيمات الضوئية والنظرية الموجية، متضادتَين تضاداً آلياً. وقد دارت مجادلات بين العلماء حولهما، لنحو 100 سنة. وفي بداية القرن التاسع عشر الميلادي، شرح الفيزيائي الإنجليزي، توماس يونج، تداخل الضوء، وأوضح أن الشعاعَين من الضوء، يلغي أحدهما الآخر، تحت شروط محددة. وتتصرف موجات المياه بالطريقة نفسها. ولكن، بسبب صعوبة فهْم كيفية حدوث التداخل بين الجسيمات، قبِل معظم العلماء تجربة يونج، كبرهان على النظرية الموجية في الضوء.


 النظرية الكهرومغناطيسية


وضع الفيزيائي الإنجليزي، كلارك ماكسويل، عام 1864، النظرية الرياضية في الكهرومغناطيسية. وطبقاً لهذه النظرية، فإن التأثير، الذي يُغيِّر الحقول، الكهربائية والمغناطيسية، أحدهما على الآخر، يسمح بسير الموجات. ولموجات ماكسويل النظرية الخواص النظرية نفسها، التي قيست للضوء؛ فالشحنات الكهربائية الاهتزازية، التي تنتج الضوء، هي الشحنات الكهربائية في الذرات. وقد برهن الفيزيائيون الذريون، سابقاً، على وجود هذه الشحنات الكهربائية الاهتزازية. وقد عزز عمل ماكسويل النظرية الموجية في الضوء.

عارضت نظرية ماكسويل الكهرومغناطيسية فكرة، وقفت في طريق قبول العلماء النظرية الموجية، لأكثر من قرن. فقد شعر العلماء، أنه يجب عليهم أن يجدوا الوسط (المادة)، الذي تنتقل من خلاله موجات الضوء. وعللوا ذلك، بأنه إذا كان الضوء ينتقل على شكل موجات، فإنه يجب أن يكون هناك شيء، تنتقل من خلاله، كما هو الحال في موجات الصوت، التي تحتاج إلى هواء للانتقال عبره. ولكن، بالنسبة إلى الضوء، فإن هذا الشيء، ربما لا يكون مادة؛ لأن الضوء يمكنه الانتقال في الفراغ. ولكي يتجنب العلماء هذه الصعوبات، افترضوا أن الوسط، الذي يسير من خلاله الضوء، هو الأثير.

وباءت جميع المحاولات لملاحظة الأثير، أو قياس خواصّه، بالفشل. وأصبح العلماء أكثر اقتناعاً بعدم وجود الأثير. وقد تحطمت نظرية الأثير، من خلال التجارب، التي أجراها ألبرت مايكلسن، والفيزيائي الأمريكي، إدوارد مورلي، عام 1887.


ميكانيكا الكمّ وتفسير الضوء


اكتشف العالم الألماني ماكس بلانك، عام 1900، معادلة، توافق النتائج العملية، بالنسبة إلى انبعاث الضوء من سطح ساخن. بيد أنه لم يستطع تفسير نجاح هذه المعادلة؛ لكنه أدرك أنها بشَّرت بأن باعثات الضوء الصغيرة جداً على السطح، تملك قيماً محددة من الطاقة. وعندما تحدد الطاقة بقيم ثابتة، يمكن أن يقال إنها مُكمّاة (يكون احتسابها كمياً).

اكتشف أينشتاين، عام 1905، أن الضوء نفسه مُكَمَّى. وعلل ذلك، بأنه إذا كان الضوء المنبعث، يملك قيماً محددة فقط من الطاقة، فإن الطاقة، التي يبعثها الضوء، تحافظ على خواصها الكمية. ويأتي الضوء على شكل رزم صغيرة من الطاقة، تسمى الكمّات. وتقدير الضوء طاقة مكمّاة يفسر نتائج بعض التجارب، المبنية على نظرية الجسيمات الضوئية، بدلاً من النظرية الموجية في الضوء. وتعرف هذه الجسيمات الضوئية بالفوتونات.

وفي عام 1913، أوضح الفيزيائي الدانمركي، نيلز بور، أن طاقة الذرات هي، كذلك، مكمّاة. وعندما تُعطى ذرة الطاقة، بوساطة تصادم أو بسقوط الضوء عليها، فإن الذرة تستطيع أن تقبّل قيماً محددّة من الطاقة فقط. وتصبح الذرة، بهذه الطريقة، مُثارة، ولدى هبوطها، تتخلص من الطاقة الزائدة. وتوجد طريقة واحدة، تحمل هذه الطاقة الزائدة إلى خارج الذرة، قوامها بعث فوتونات. ويقبَل كلُّ نوع من الذرات، مجموعات مختلفة من الطاقة؛ لذلك، عندما تبعث الذرات الضوء، فإن الفوتونات من النوع الواحد من الذرات، تختلف، في الطاقة، عن الفوتونات المنبعثة من أنواع أخرى منها.

الحقل الفيزيائي، المعروف باسم ميكانيكا الكمّ، هو دراسة كيف يمكن الذرات والضوء، أن يكونا مُكَمَّيَيْن. وتتضمن ميكانيكا الكمّ حقيقة أن الضوء والمادة، يتصرفان في صورة موجات، في بعض التجارب، وجسيمات، في تجارب أخرى
⚠ الملكية الفكرية محفوظة للكاتب المذكور



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-